بعض الفشل..نحن سبب فيه..
وبعض السقوط..نحن كل السبب في وقوعه..
وبعض الأخطاء الجسيمة التي نرتكبها..لنا يد فيها..
وبعض الانهيارات النفسية..أو العاطفية..أو الأخلاقية التي نتعرض لها..هي نتيجة طبيعية لانحرافاتنا..
فلماذا نضع المسؤولية على الغير..؟
ولماذا نبرئ أنفسنا من نتائج الإخفاقات..والممارسات..أو المغامرات التي نقدم عليها..؟
ولماذا نحكم على الآخرين بأنهم سبب مشاكلنا..سبب مآسينا..سبب مصائبنا..سبب تدميرنا.؟
تلك هي مشكلة الإنسان مع نفسه..
وتلك هي مشكلته مع ضميره..
وتلك هي مشكلته مع ضعفه أمام رغباته..أمام أنانيته..أمام اندفاعاته..
وعليه أن يدفع هو وليس غيره ثمن تلك التصرفات..بدل أن يلقي بتبعاتها على كواهل عباد الله (المظلومين).
فالذي يسرق..لابد وأن يعترف أمام نفسه على الأقل بأنه قد ارتكب خطأ شنيعاً..بدلاً من أن يبحث عن مبررات لسرقته..كالفقر..أو الديْن..أو ضعف الراتب..
والمرتشي لا يجب أن يسوغ طلبه للرشوة..أو قبوله بها..لمجرد أن غيره يمارس نفس السلوك.. ولسبب أن ما يأخذه من الراشي لا يمس أحداً أو يغتصب حقوق أحد آخر..
والقاتل الذي يقدم على جريمته عن سبق إصرار ..لا ينبغي أن يحمل القتيل مسؤولية قتله..حتى وإن ارتكب خطأ ضده..أو تسبب في كارثة له..
والخائن..لا يمكن أن يقدم على فعلته بمبرر الانتقام والتشفي..وإنما يجب عليه أن يعترف بأنه إنسان لا خلق له ولا كرامه لديه..
والغشاش..لابد وأن يواجه نفسه بما هي غارقة فيه..وأن عليه أن يتحمل كل نتائج (غشه) و(تدليسه) وموت ضميره..
لكن الإنسان بطبيعته لا يرى كل عيوبه..
كما أنه يرفض مواجهته بها أو التعرية له أمام غيره..
وإذا قيل له (أنت كذا)..حمل كل ضغائن الدنيا لمن رفع في وجهه شارة الخطر (!!).
وإذا أنت سكتّ عنه..وقبلت بتصرفاته..وتعاملت معه كإنسان مريض..وتجنبت الاصطدام به فإنك تشاركه في ارتكاب المزيد من الأخطاء والجرائم (!!).
تلك هي الإشكالية الكبيرة التي نواجهها في علاقاتنا الإنسانية..
وندفع معها أثماناً غالية..
إن بالقبول بتصرفات هؤلاء الخطائين..
وإن بتجاهلها..والقبول بها..والسكوت عليها..
والمشكلة الأكبر..
أننا لا نستطيع –في بعض الأحيان- اعتزال هذا النوع من البشر..إما لأنهم جزء منا..من تركيبتنا الأسرية..وإما لأنهم بعض من مشاعرنا..وأحاسيسنا..وإما لأنهم مرضى حقيقيون..وإما لأنهم حالات ميؤوس منها..ولا حول ولا قوة إلا بالله..
ضمير مستتر:
(الموت في بعض الأحيان..أهون من السكوت على الجريمة..أو الخطيئة).