نار الفراق
رأيتها ويداها تعبثان بشعرها ،
وكأنها تحاول تبديد ظلمة الليل
الذي أخذ من شعرها حلكته .
أحست بوجودي ولم تلتفت ،
وكأني بها تخفي ما تخشى
أن يفضحها .
بادرتني بقولها :
هل هناك علاقة تجمع قلبينا ؟
قلت : بل قانون
– المركز والتابع –
قالت : قانون كوني .
قلت : أقرب ما يكون علوياً
.
قالت : وماذا بعد ؟
جزم عقلي بما تود سماعه !
وأيقنت أن الماضي بأنيابه المؤلمة
عاد ينهش قلبها .
قلت : كلانا يحمل في قلبه
جراح حبه الأول
والحنين إليه
والوفاء لذكراه ،
رغم أنهما لم يتوقفا لحظة الفراق
إلا أنهما يحملان من الأسى
ما ينغص عليهما سعادة حضرهما
.
لم يكن ذلك من سوداوية في التفكير
وإنما لحرقة على الأحبة .
وقد زاد ألم هذين القلبين
وجودهما في غير زمنهما ،
قلبان ينبضان بالحب ،،،
وعقلان يعشقان جمال الفكر ،،،
في عصر الغرائز والمحسوسات .!
قالت : حدثني عن الفراق ؟
قلت : ( لا يفتى ومالك في المدنية ) ؟
قالت : دعك من هذا .
قلت : أما فراق الموت
فإن الإيمان يخفف على القلب شيئا من ألمه ، ، ،
وأما فراق الأحياء
فهو الجحيم بعينه .
إذ القلب لا يفقد الأمل ، ، ،
فساعة في انتظار مرسول الأحبة ،
وإذا خاب هذا ففراق جديد . . .
وساعة يقول الأمل سيأتي ، ، ،
فهو لا يستطيع العيش من دونك !!!
وهو أمل جديد . . .
سرعان ما يخيب
وبعده فراق جديد ، ، ،
وساعة ،،، وساعة ،،،
أملٌ في اللقاء ،
وفراقٌ ينخر القلب
من الداخل إلى الخارج ،
حتى إذا قضى عليه .
عرج على الجسم
ليجعل من النحول صفة تميزه ،
وكأنه يقول للناس
هذا فعل الفراق بصاحبكم .
إن في النار جزء
ينطلق منه لهب أزرق ، ، ،
ويدل هذا على أن في هذا الجزء
أعلى درجة لحرارة النار .
ونار الفراق . . .
زرقاء ، ، ،
زرقاء ، ، ،
زرقاء .
اجتذبت أنفاسها من صدرها
وكأن روحها التي أرادت الخروج .
وقالت : كيف الخلاص ؟
قلت : لا أعلم له سبيلا ؟
إلا أن الحكمة تقتضي الصبر على المصيبة
حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا .
قالت : الموت إذا ؟
وعندما أقبلت عليّ بوجهها
وفي عينيها حمرة الدموع .
أدركت ما كانت تخشاه .