في دار من دور المدينة المباركة جلس عمر إلى جماعة من أصحابه
فقال لهم: تمنوا
فقال أحدهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءةٌ ذهباً أنفقه في سبيل الله
ثم قال عمر: تمنوا
فقال رجل آخر: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً
أنفقه في سبيل الله وأتصدق به
ثم قال: تمنوا
فقالوا: ما ندري ما نقول يا أمير المؤمنين؟
فقال عمر : ولكني أتمنى رجالاً مثلَ أبي عبيدة بنِ الجراح
ومعاذِ بنِ جبلٍ
وسالمٍ مولى أبي حذيفة
فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله
رحم الله عمر الملهم
لقد كان خبيراً بما تقوم به الحضارات الحقة
وتنهض به الرسالات الكبيرة
وتحيا به الأمم الهامدة
إن الأمم والرسالات تحتاج إلى المعادن المذخورة
والثروات المنشورة
ولكنها تحتاج قبل ذلك إلى الرؤوس المفكرة التي تستغلها
والقلوب الكبيرة التي ترعاها
والعزائم القوية التي تنفذها
إنها تحتاج إلى الرجال
لرجل أعز من كل معدن نفيس
وأغلى من كل جوهر ثمين
ولذلك كان وجودُه عزيزاً في دنيا الناس
حتى قال رسول الله :
((إنما الناس كإبل مائة، لا تكاد تجد فيها راحلة))
رواه البخاري