عندما كان عمره شهرين وقع الفيل الأبيض الصغير في فخ الصيادين في أفريقيا، وبيع في الأسواق لرجل يملك حديقة حيوانات متكاملة .
بدأ المالك على الفور في إرسال الفيل إلى بيته الجديد في حديقة الحيوان، وأطلق علية اسم نيلسون . وعندما وصل
المالك مع نيلسون الى المكان الجديد، قام عمال هذا الرجل الثري بربط أحد أرجل نيلسون بسلسلة حديدية قوية، وفي
نهاية السلسلة وضعوا كرة كبيرة مصنوعة من الحديد الصلب، ووضعوا نيلسون في مكان بعيد في الحديقة .
شعر نيلسون بالغضب الشديد من جراء هذه المعاملة القاسية، وعزم على تحرير نفسه من هذا الآسر، ولكنه كلما حاول
أن يتحرك ويشد السلسلة الحديدية أحس بألم شديد، فما كان منه بعد عدة محاولات الا أن تعب ونام .
وفي اليوم التالي استيقظ الفيل نيلسون وكرر ما فعله بالأمس محاولا تخليص نفسه، ولكن دون جدوى، وهكذا حتى يتعب
ويتألم وينام .. ومع كثرة محاولاته وكثرة آلامه وفشله قرر نيلسون أن يتقبل الواقع الجديد، ولم يعد يحاول
تخليص نفسه مرة أخرى، وبذلك استطاع المالك الثري أن يبرمج الفيل نيلسون تماما كما يريد .
وفي احدى الليالي عندما كان نيلسون نائما ذهب المالك مع عماله وقاموا بتغيير الكرة الحديدية الكبيرة بكرة صغيرة
مصنوعة من الخشب، وكان من الممكن أن تكون فرصة نيلسون لتخليص نفسه، ولكن الذي حدث هو العكس تماما .
فقد برمج الفيل على أن محاولاته ستبوء بالفشل وستسبب له الآلام والجراح، وكان مالك حديقة الحيوانات يعلم تماما
أن الفيل نيلسون قوي للغاية، وأنه قد برمج تماما بعدم قدرته وعدم استخدام قوته الذاتية . ولكنه يعرف أيضا أن
الفيل نيلسون قد برمج على تقبل واقعه الجديد وعلى أنه غير قادر على تغيير واقعه وفقد ايمانه بقدرته الذاتية .
وفي يوم زار الحديقة فتى صغير مع والدته وسأل المالك " هل يمكنك يا سيدي أن تشرح لي كيف أن هذا الفيل
القوي لا يحاول سحب الكرة الخشبية وتخليص نفسه من الأسر ؟ فرد الرجل : بالطبع أنت تعلم يا بني أن الفيل
نيلسون قوي جدا ويستطيع تخليص نفسه في أي وقت، وأنا أيضا أعرف هذا، ولكن الأهم هو أن الفيل لا يعلم ذلك
ولا يعرف مدى قدرته الذاتية ..
كل هذا سببه واحد هو البرمجة السلبية، ولكن هذا الوضع يمكن تغييره وتحويله لمصلحتنا، فأنت وأنا بشر
وكل انسان على هذه الأرض يستطيع تغيير هذه البرمجة
ولكن هذا التغيير يجب أن يبدأ بالخطوة الأولى، وهو أن تقرر التغيير، فقرارك هذا الذي سيضئ لك الطريق لحياة
أفضل، وكما قال الله سبحانه وتعالى في القران الكريم ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ).
قال تعالى : ( وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون *واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم
من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن
الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين * أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من
المحسنين ) .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول(ما لي وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال في ظل شجرة ثم راح وتركها ) .
كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : إن الدنيا قد أرتحلت مدبرة ،وإن الآخرة قد
أرتحلت مقبلة ، ولكل منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عمل ولا حساب ،
وغداً حساب ولا عمل .
وما أحسن قول يحي بن معاذ الرازي :الدنيا خمر الشيطان، من سكر منها لم يفق إلا في عسكر الموتى نادماً مع
الخاسرين