تاريخ التسجيل : 23/08/2009 العمر : 57 الموقع : wild-flower.ahlamontada.net
موضوع: الحركات والمنظمات والتنظيمات الخميس يناير 27, 2011 5:02 am
العالم تحكمه الآن منظمات أو تنظيمات أو حركات ولا تحكمه دول.. الشكل الخارجي لأي مجتمع الآن أنه محكوم بدولة لكن الجوهر يؤكد أنه محكوم بمنظمات أو حركات توشك أن تقوض الدول وتحل محلها.. ونحن نعيش فترة انتقالية غير واضحة المعالم.. أو هي فترة وسط ورمادية لم تسيطر فيها المنظمات سيطرة تامة.. ولم تنجح الدول في استعادة سيطرتها كما كانت.. العالم في فترة تأرجح بين حكم المنظمات وحكم الدول.. وهناك دول تتصرف كمنظمات ومنظمات تتصرف كدول.. إسرائيل مثلاً منظمة تتصرف كدولة.. وإيران تفعل نفس الشيء أحياناً.. فهي دولة تلعب في بعض الأحيان دور المنظمة.. وحماس منظمة أرادت أن تكون دولة وكذلك منظمة التحرير.. وحزب الله.. وهؤلاء فشلوا في أن يتحولوا إلي دول.. ولم يستطيعوا الحفاظ علي أدوارهم كمنظمات.. وهذا أيضا ما فعلته حركة طالبان التي أ رادت أن تكون دولة.. فلا أصبحت دولة ولا بقيت حركة.. وأزعم أن مصر أيضا في حقبة ما بعد ثورة يوليو أرادت أن تلعب دور المنظمة علي حساب الدولة.. لكن التجربة فشلت وعادت الدولة إلي قوتها بسرعة لأن الدولة في مصر هي الأقدم والأكثر رسوخاً في العالم كله.. والصراع بين دور الدولة ودور المنظمة تتوقف نتيجته وتتحدد علي أساس تاريخي لاعلي أساس سياسي أو جغرافي. هناك دول أقدم من شعوبها وهناك شعوب أكبر سنا من دولها.. وعندما تكون الدولة أقدم وأطول عمراً وأكبر سناً من شعبها يصعب أن تنتصر فيها المنظمة علي الدولة.. وتكون الغلبة للدولة.. ومصر مثال علي ذلك بمعني أنه يصعب تفتيتها إلي منظمات أو حركات تقوض دور الدولة.. فالدولة قد تمرض في بلد مثل مصر لكنها لا تموت.. كما أن دعوات الانعزال والانفصال والتشرذم في دولة كهذه لا تؤتي ثمارها إذ سرعان ما تتآكل المنظمات وتذوب رغما عنها في الكيان الأقدم والأكبر سنا وهو الدولة.. وفكرة الأقليات في دولة أكبر سناً وأقدم من شعبها لا تنجح.. لذلك تفشل محاولات اللعب بورقة الأقليات والعرقيات والقبائل والمذاهب لأن الدولة أكبر سناً وأقدم وسرعان ما تعود شمساً تدور حولها كل الكواكب.. والمنظمات والحركات والعرقيات تظهر واضحة في لحظات غروب شمس الدولة.. لكن شمس الدولة الأقدم والأكبر سنا من الشعب لا تختفي إلي الأبد.. إذ سرعان ما تشرق لتعود الكواكب إلي حجمها وتكف عن التمرد علي الشمس. وهذا وضع لا يستطيع أحد أن يزعم أنه صنعه أو أنه حافظ علي قوة الدولة أو أنه حماها من سطوة الحركات والمنظمات والتنظيمات.. لكنه وضع صنعه الله عز وجل.. وتراكم عبر التاريخ وقد مرت مصر علي سبيل المثال بعصور وعهود كانت كفيلة بقتل الدولة تماماً لحساب المنظمات والحركات والشراذم والقبائل والطوائف مثل رجال الدين أو ميليشيات وعصابات المماليك.. وحكم هذا البلد العبيد والخصيان والأجانب والجهلة والقنوات والبلطجية ورجال الأعمال.. وجرت محاولات مستميتة لتحويل هذا البلد إلي عزب وأبعديات تم تحويله إلي شركة أو سوبر ماركيت أو غرزة.. وهذه المحاولات مازالت مستمرة وستظل قوية وعاتية في المستقبل.. وسوف تستمر محاولات خطف البلد كرهينة للمسلمين أو النصاري أو رجال الأعمال أو للبلطجية أو التجار الذين يلعبون السياسة بقواعد "سوق الخضار".. وستمر علي البلدان فترات ضعف وهوان وفوضي وضبابية رؤية وانعدام موقف ورمادية بلا معالم.. وسنقول كما نقول الآن وكما قلنا من قبل: "ربنا يستر البلد دي رايحة علي فين".. وسنشعر كما شعرنا من قبل بأن الدولة تتآكل وتتهاوي.. وأن الكيانات والمنظمات والحركات أقوي منها.. بل سنشعر كما نشعر الآن بأن الأهلي والزمالك أقوي من الدولة.. وسنري فترات يبدو فيها القانون عبداً ذليلاً للأغنياء والمفسدين والبلطجية.. وتبدو الكنيسة أو المسجد هما المقر الرسمي للحكم.. كما كان ذلك أيام المماليك.. ومن قبلهم الرومان. ومع هذا السواد.. وفي عز العتمة سرعان ما يتهاوي كل ذلك لأنه عارض وطارئ وقشري ويعود البلد إلي الأصل وإلي القاعدة الراسخة التي تقول إن الدولة الأكبر سنا والأقدم سرعان ما تتعافي.. وتستعيد قدرتها علي امتصاص الصدمات.. فما صنعه الله لا يقوضه أو يهدمه إلا الله. *** والدول الأقدم في العالم كله تتعرض لأمراض.. وتبدو أكثر وهنا من الدول الجديدة الاحدث من شعوبها.. لكنها لا تموت.. فإيطاليا واليونان هما الأقدم في أوروبا ويبدوان أقلها نمواً وأكثرها ضعفاً ولكنهما لا تموتان أبدا.. وأمريكا نفسها التي تبدو الأعظم في العالم ليست لديها مقومات البقاء والقوة التي لدي اليونان وإيطاليا.. لأن أمريكا أحدث من شعبها.. لذلك هي أقرب إلي المنظمة منها إلي الدولة.. أو هي ناد للأثرياء.. أو هي دولة صنعتها الثروة ولم تصنع هي الثروة.. لذلك فإن "اللوبيهات" في أمريكا أقوي من الدولة.. ولأن أمريكا دولة أحدث وأصغر من شعبها فإنها مازالت في مرحلة المراهقة وتتصرف في العالم كمنظمة أو حركة وتدير الأمور بالبلطجة والاندفاع "والعبط السياسي".. وهكذا تفعل إسرائيل التي تتصرف كمنظمة تحافظ علي هيبتها بالبلطجة والسطو.. لذلك لا يمكن أن تتوصل إسرائيل إلي سلام مع العرب كما يحلمون.. لأن إسرائيل إذا سالمت تموت مثلها مثل اي منظمة او حركة. وكل المنظمات شأنها شأن أمريكا وإسرائيل إذا سالمت وألقت السلاح تموت.. كما ماتت حماس وكما مات حزب الله وماتت طالبان عندما أرادوا أن يكونوا دولاً وتخلوا عن دورهم كمنظمات.. ولو افترضنا مثلاً أن تنظيم القاعدة قرر إلقاء السلاح والدخول في مفاوضات للتوصل إلي سلام أو هدنة.. ساعتها سيموت وينتهي دوره.. تماما كما فعلت منظمة التحرير الفلسطينية التي قررت أن تتحول من دولة إلي تنظيم.. فلا صارت دولة ولا بقيت تنظيماً وماتت تماماً هي وحماس. وهناك فريق من المصريين لا يجيد قراءة التاريخ ولا يعرف مقومات هذا البلد لذلك يحاول ممارسة لعبة المنظمات أو الطوائف أو الأقليات ويستقوي بالخارج كما يفعل بعض المسيحيين أو بعض المسلمين.. وهذه اللعبة تنجح وقتياً عندما تكون الدولة في مراحل ضعف ووهن ويسهل الضغط عليها ولي ذراعها.. لكنها لعبة مؤقتة ليس لها دوام إذ سرعان ما تهب الدولة من وهنها ومرضها ويعود دعاة الأقليات والمنظمات إلي مدارهم حول الشمس. هناك أصوات تبدو عالية في بعض المراحل وتفرض كلمتها علي الجميع لكنها تخفت بعد حين لتعود الدولة إلي قوتها.. وهذا أمر يتكرر كثيراً في تاريخ مصر.. ففي حقبة الستينيات مثلاً كان الصوت الأعلي للشيوعيين والماركسيين الذين خطفوا الاتحاد الاشتراكي.. ثم خطفوا الدولة كلها وصبغوها بلونهم وجعلوا أنفسهم المركز والبؤرة وكل التيارات الأخري هوامش.. فرأينا الكل يركب الموجة ويردد نفس النشيد الشيوعي والماركسي.. وظهرت كتب ومجلدات ومقالات جعلت تاريخنا كله شيوعياً وفوجئنا بأن الإسلام جاء بالنظرية الشيوعية قبل ماركس وأن عمر بن الخطاب هو رائد الاشتراكية وأن أباذر الغفاري كان ماركسيا.. وأن المسيح عليه السلام جاء بدعوة الاشتراكية والتأميم وقاد ثورة الفقراء ضد الأغنياء عندما قال: "طوبي للفقراء". وكان رجال الأزهر والكنيسة في تلك الأيام ممن ركبوا الموجة الشيوعية ولعبوا علي حبلها وألفوا الكتب والمراجع حول جنة الشيوعية أو الاشتراكية.. وأن الإسلام والمسيحية رسالتان اشتراكيتان. كانت كل التيارات تلعب في ملعب الشيوعية وتدير أمورها بقواعد الاشتراكية والماركسية.. ونحن بطبعنا منافقون.. ومع الغالب.. ونركب الموجة العالية وصولاً إلي المكاسب والمناصب.. وفي تلك المرحلة كانت الشيوعية والاشتراكية والماركسية هي الأعلي كعباً وصوتاً.. وهي "السكة السالكة" لمن أراد المغانم والمكاسب.. وكان كثير من الأزهريين والكنسيين في مقدمة الهاتفين للشيوعية والمسبحين بحمدها. *** وفي منتصف السبعينيات من القرن الماضي انحسرت الموجة الشيوعية والاشتراكية لصالح الانفتاح والرأسمالية فإذا الذين كانوا من غلاة الشيوعية والاشتراكية يركبون موجة الثراء والانفتاح ويسبحون بحمد الرأسمالية.. وبعد قليل في أواخر السبعينيات.. علا صوت الإسلاميين وتياراتهم وجماعاتهم وإخوانهم وأخواتهم.. فركب الجميع الموجة الإسلامية وحدث تحول دراماتيكي لأقطاب الشيوعية واليسار عندما أصبحوا أمراء وقادة ومنظرين للحركة الإسلامية.. وحدث التزاوج البغيض بين الدين والسلطة والثروة.. وأصبح الدين مجالاً مناسباً لغسل الأموال القذرة.. عندما تم شراء ذمم رجال الدين وأصبحوا مستشارين للبنوك الربوية ولعبوا لعبة توظيف الأموال وأصبحوا مفتين ودعاة في بيوت الأثرياء يزينون لهم سوء أعمالهم.. وصبغ الإسلاميون الأثرياء الدولة كلها بلونهم وغنت كل التيارات نفس نشيدهم.. وظهرت كتب ومجلات وصحف ومجلدات تبارك زواج السلطة والثروة والدين.. وتراجعت الدولة أمام سطوة المنظمات والحركات ورجال الدين الموازين للأزهر.. بل وتراجع دور الأزهر نفسه لصالح هذه المنظمات الإسلامية الموازية.. واستقوي الإخوان المسلمون والمنظمات الأخري بالخارج وتعرضت الدولة للي ذراعها كما حدث أيام الشيوعيين الذين استقووا أيضا بالخارج ممثلاً في الاتحاد السوفيتي آنذاك. واستمرت اللعبة بقواعد الدين إلي اليوم.. لكنها الآن لعبة بقواعد ومفردات مسيحية.. إذ يبدو المسيحيون أعلي صوتاً وأكثر نفيراً وأقوي سطوة.. وأكثر قدرة علي لي ذراع الدولة والضغط عليها.. وهم يمارسون نفس رذيلة الاستقواء بالخارج ممثلاً في أمريكا.. ولأننا منافقون كالعادة فإننا نلعب مع الأعلي صوتاً والأكثر نفيرا وقدرة علي الضغط.. فتري كل الأقلام الآن تتحدث بصوت مسيحي.. والكل يركب موجتهم ويغني نشيدهم ويتابع أخبار الكنيسة وعظات البابا وأقواله وتصريحاته.. وهناك اتجاه عام لخطب ودهم وكسب رضاهم.. وكل منا يحاول أن يثبت أن أصله مسيحي وأنه رضع لبناً مسيحياً.. وأنه ضد اضطهاد المسيحيين.. والمسيحيون يفعلون كما فعل الإسلاميون والشيوعيون من قبل.. يضعون ساقاً علي ساق ويتصدرون المشهد ويستمعون باستمتاع إلي جوقة المنافقين.. والمخضوضين.. فنحن مخضوضون من أي صوت عال ومن أي تيار.. "إحنا مع الرايجة".. والسلعة الرايجة الآن هي المسيحية وأهلها مع أن كثيرين ممن يركبون موجة المسيحيين.. ركبوا من قبل موجة الشيوعيين وموجة الإسلاميين.. وهم يفعلون كما فعلوا من قبل.. ففي السر وفي الظلام.. يلعنون الحقبة المسيحية كما لعنوا الحقبة الشيوعية والحقبة الإسلامية.. ويبدون نفس السخط الذي أبدوه من قبل.. ويبدون مذعورين من المد المسيحي كما انزعجوا من المد الشيوعي والمد الإسلامي.. بل إن مصر بعد مبادرة السادات بزيارة القدس ظهر فيها مد يهودي قوي.. ولعب المنافقون نفس اللعبة التي مارسوها مع الشيوعيين والإسلاميين ويمارسونها مع المسيحيين.. إذ اكتشفنا عبر الأقلام والكتب والبرامج أن نصف المصريين أصلهم يهود وأن اليهود أولاد عمنا ورواد نهضتنا وصناع حضارتنا.. فالسينما المصرية قامت علي أكتاف اليهود وكذلك المسرح والاقتصاد.. وليلي مراد وجورج أبيض ونجمة إبراهيم وراقية إبراهيم وتوجو مزراحي وبنزايون وريفولي وعدس وشيكوريل وخوفو وخفرع ومنقرع.. كلنا يهود في هوجة السلام.. وهناك من اعتبر إسرائيل أقرب إلينا من العرب.. بل أقرب إلينا من حبل الوريد.. وهناك صحفيون زاروا إسرائيل في هذه الهوجة وصرحوا للإعلام هناك بأنهم سعداء بوجودهم في بلدهم الثاني إسرائيل!! *** كل ذلك لا يز عج من يعرف طبيعة هذا البلد وجنباته ومن يجيد قراءة التاريخ ومن يعي أننا قوم منافقون لا نعبر عن آراء حقيقية وإنما نركب الأمواج العالية ونختار أقرب الطرق إلي أكل الكتف.. ولذلك يذهب كل هذا الضجيج أدراج الرياح وتهب الدولة من ضعفها وهوانها وتكنس كل هذه الزبالات الإعلامية والصحفية.. وتعود الكواكب إلي مدارها حول الشمس صاغرة.. فمصر لا تستطيع منظمة أو حركة أو تيار خطفها طوال الوقت.. يتم خطفها بعض الوقت في لحظات ضعف الدولة وركودها وقلة حيلتها كما حدث ويحدث وسيحدث لكن الدولة لا تموت.. والمنظمات والتيارات تكسب معارك لكنها لا تكسب الحرب مع الدولة.. لأن الدولة في مصر نشأت قبل الشعب وقبل التاريخ المكتوب.. هي تهتز ولكنها لا تسقط.. تترنح ولكنها لا تنهار.. بل إن المدهش إن مصر هي البلد الوحيد في العالم الذي مرت عليه في بعض العهود شهور طويلة بلا حاكم.. ومع ذلك لم تتعرض الدولة للانهيار أو الفوضي أو التفتت.. حدث هذا في أخريات الدولة الأيوبية وبدايات الدولة المملوكية.. وحدث أيام المماليك عندما كان السلطان يتولي ثلاثة أ يام ثم يقتل ويتصارع المماليك شهوراً حتي يستقروا علي سلطان جديد.. وأحد سلاطين المماليك أطلق عليه "سلطان ليلة" لأن ظل سلطاناً ليلة واحدة فقط ثم خلعوه وتصارعوا شهوراً من أجل تولية سلطان بديل.. وهكذا سيظل هذا البلد يتأرجح ويترنح لكنه لن يسقط.. هو يعاني في كل العهود نفاق أبنائه وقادة الرأي فيه.. هؤلاء الذين ضل سعيهم ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً.. يهدمون وهم يظنون أنهم يبنون ويرتكبون جريمة الخطف بحروف العطف!! نظرة "كل ما نتزنق" نشكل لجنة أو نخترع عيداً مثل عيد الوحدة الوطنية المقترح له أن يكون 9 مارس من كل عام.. واختراع الأعياد والإجازات وتشكيل اللجان لن يحل القضايا ولن يرضي الذين رفعوا شعار "الكل أو لا شيء".. وهي مجرد محاولات غبية لتقوية التيارات علي حساب الدولة.. وظهور واختراع الأعياد والمناسبات يعني تهافت الفكر وتفاهة الهدف.. فالعيد مثل الشعار.. رفعه يعني اختفاء مضمونه.. فعيد الأم دليل شيوع العقوق.. وعيد الوحدة الوطنية يعني عدم وجود وحدة ولا وطن.. فنحن نخترع الأعياد كأنها نصب تذكاري لمعني مفقود أو مجهول.. مثل بيت العائلة المصرية الذي سيتحول مع الوقت إلي لجنة وسبوبة ومكلمة.. "وبرضه رجال الدين" هم الذين يديرونه. اللي حياته وروحه نور يستفتي قلبه وأكيد ساعتها حيعرف مين سبب غلبه لكن اللي تاه وملا الضلام روحه حيلاقي نفسه بيطلب فتوي من كلبه