أحلى الكلام...نافذة على يوم فلسطيني حزين!
إلى أجسادنا مادة لا تتزلزل بين انهيار جبلين،إلى أجسادنا روحا لا تلتوي مع كل صفعة من ازدواجية ريح، إلى تلك الانامل تتحسس تقاطيع تغيير في وجه مملوء بوجع ،إلى من علمتني الحب والحنان، إلى من منحني نصفه ليتوازن هارمون الإنسانية وتظل فلسفته واضحة في كل كلمة،في كل فكرة،تطرب في تلافيف دماغي فأورث أفكاره أرباعا إلى أبنائي،إلى أبي وأمي،وإلى روحي وقلمي المتزوجان بعيدا عن أعراف الشعوب ...
" كما دُفنّا في بداية ربيع انتهى ،،،نحن الآن في دورة الخريف الذي قد يطول،لكن لا بد من انبعاثنا من جديد في ربيع قد لا ينتهي، ،فبشّروا فينوس،بشّروا كل فينوس تنتظرنا على ضفاف الجنة الاخرى،،،نحن عائدون والله عائدون...والله عائدون".
هذا ما كانت تهذي به سطور جدي بين اوراقه الصغراء ،التي قد بدا عليها اعراض المرض والألم والحسرة،وتلك التجعيدة المختزنة فيها منذ سنين،وهذا أيضا ما حملني من سطور جدي كطير خفيف خفيف،لأكون على موعد مع ورقتي والقلم،موعدٌ خفيٌّ بعيد عن العيون وفي زاوية ظل الشمعةالشامخة كعادتها في نفس المكان وبنفس القوة مع قصر مطرد في القامة..!
قالوا لي"أكتبي الواقع!"،قلت ماذا ساكتب عن الواقع،من أي الجهات وأي الجوانب تفضلون ان أطل عليكم؟،من تلك الجهة التي كنا نحرص دائما على إخفائها ودفنها في زواياها المظلمة،نقاوم كل محاولة لها للخروج من الظلمة الى النور.
دافعنا دوما كان التشبث بالحياة ورؤية مكامن القوة فينا،والقوة فقط...!!
وكان لهذا الدافع ما يبرره ويتطلبه،إذ كان وما يزال هاجسنا الوحيد أن نبقى أحيــــــــــاء،وأن نقاوم كل نأمة ضعف في سبيل التغلب على الموت بكل انواعه وصفوفه..!
أم من تلك الجهة الساطعة التي ظلت في الأذهان والقلوب؟جهة المجد العظيم الذي نُقل وتناقل،ونُسجت حوله أعظم الأساطير،وأشد الحكايات خيلا،وأكثر الصفات عظمة!!
فوصل البعض فينا إلى درجة أن وجد نفسه موضوعا في مصاف الشهداء- مع وقف التنفيذ- حتى باتوا مخلوقات فضائية وكائنات غيبية لها قداستها ورهبتها....لم يدفعهم هذا (التوصيف) والترسيم إلاّ إلى مزيد من الإغتراب والإنفصال،وإلى مزيد من التجرد الذي لا يعكس حقيقتهم ومضمونهم وحدود الدور الذي يؤدوه في هذه الملحمة الشعبية البطولية!
وقد يكون لهذا الجانب ما يبرره،وهو "الحماية من الموت"،أو درء الموت عنا،لست على استعداد الآن لأغرق في وصف الألم والمعاناة والعذاب...يكفينا تراثنا الطويل من التغني بآلام لاجئ ومعاناته،وجوعه وامعائه وموته البطيء.
هذا التغني الذي كان له وجهه الآخر المحزن والمؤلم، هذا التغني قد خرج عن كونه وقفات تضامن وتعاطف وتلاحم،ليغدو جزء منه،إتجار ومزاد وتفاخر وتسييس!
وجزء منه أصبح تعبيرا عن الشفقة،وكما قلت لكم سابقا،الشفقة هي الوجه الآخر للشماتة!
لن اتحدث عن الم وعذاب بعد الآن،فكما يقول جدي- يا سيدي الزعل ما بجيب دخانه-،فلا معنى له ولا قيمة.
اليوم،لا يشبه الأمس أبدا،فالحال الذي تلمسونه في واقعكم هو نفس الحال في واقعنا مع فارقٍ أنّ ثقله لدينا أشد كثافة.فبعض معالم اليوم عندي:
أن تقرأ وتطالع وتدرس،،تغدو من الشواذ غريبي الاطوار...
أن تتحدث عن القيم والعرافة والاخلاقيات،توصف إما بالجنون،أو المحافظة،أو المزاودة،،
إن طالبت بالتعبئة فانت كافر...
إن ناقشت بالسياسة،فأنت من جيل السبعينيات،
المهم أنك صرت في كل الظروف كافرا،أنت كافر،أنت لست عاقل!!
أنا لا أقول ،هم يقولون !
وكل ذلك ولم يتغير،لا زال يترصد لك بخطواتك،وحرمانك من أبسط الحقوق لا زال قائما،لعنة الله عليه من احتلال!
والإهتمامات تدنت،وروح الجماعة ينخرها السوس،وفقدان الإتجاه سمة سائدة،وقليل من الموؤود الذي تعودنا أن نبقيه في الظل يتسلل إلى دائرة النور بلا حرج..!
ومع هذا عفوا لم نفقد التوازن،ما زلنا نتكاثف حول قضية أصبحت أكثر ملكا لنا وأشد التحاما بنا،بل مع كل هذا ما زلنا عشاقا للشمس،وما يزال في قلوبنا موطئ للأمل وللربيع وللنور...لا تتسع هذه السطور لسرد ما تحتاجون لمعرفته...
فالسيدة (عودة) زارتني بالأمس،جاءت فشتمتني ولطمتني بكل لغات الدنيا كي أستيقظ،،ولم أستيقظ!
السيدة(عودة)تبكي وترتدي اسودا،وأنا كنت البس أبيضا!
السيدة (عودة) تلبس حزنا،اما انا فألبس فرحي القادم،و أرواح طاهرة في الماضي والحاضر والحاضر،أما انا فألبس أبيضا يبحث عن تشتت ألوانه ليزيد نصاعة ونقاءً وصفاءً.
السيدة(عودة)تلطمني لأستيقظ،فأهب بها صارخة إني مستيقظة ،ولا أنتظرك بجسد إنسان،أو بسطر من سطر كتاب او دستور...
عودتي اكثر من سطر "خربشت" عليه خمسة حروف ونقطة تنتظر ما يزيلها لأن الألم والجراح والدم والبيت والشجر والشارع والأرض ليس بحبر ونقطة!