قررت أن (لا) أكذب عليك..فلم يعد للكذب من مكان في
قــصتنا..
أنا لم أعد "لم أعد" أنتظرك..
فلم تعد الطرقات بين أسطري تتسع..
لم يعد يكفيني من الحصان حذوته..
خاطر من حكاية:
معك.......
معك أنت........
كنت أرى جميع خياراتي الخاطئة صحيحة...
وكل قراراتي الخيالية واقعية...
بدءاً من حبك وانتهاء بـ ...... حبك...
ومهما حاولت أن أرميك للذئاب لتأكلك من ذاكرتي...
كانت الذئاب تتركك رأفة بقلبي من بركان نسيانك...
أنا حاولت..
كثيراُ حاولت..
أن أنساك...
حتى أطفالي الذين أنجبتهم منك في مدن الخيال..
أرسلتهم إلى ملجأ..
وفي كل مرة كانوا يعودون إلي........ أكبر من ذي قبل... وأجمل من ذي قبل... وأطهر من ذي قبل..
حبي لك كان طاهراً بطهر النوايا التي أحملها لك في قلبي..
لدرجة جعلتني أدعو الله عز وجل في وقت السحر كل ليلة..
أن يوقف نبض قلبي..إن هو نبض بك فيما يغضبه عز وجل..
أنا ..
في رحيلك...
اختبرت أمور مؤلمة..
ومررت بطرق شائكة..
أنا...
في رحيلك..
قتلت عقارب ساعتي..
لإنها توقفت عن المسير..
ولم يعد يعنيني الوقت أو الزمان..
أنا فقط أحاول ان أستوعب أنك لم تعد في حياتي عمادها...
وبعض الأمور قد لا نستوعبها أبداً..
أنا...
في رحيلك...
تركت ذاتي في كهف قريب ...
وأغلقت عليها بمفتاح "علي بابا"...
ورميته في أعماق قلبي...
هي لم تعد تنفعي بدونك...
أنا...
في رحيلك اكتشفت أن لا أحد حولي سواي....
وأنك لم تغادر مرآتي إلا لتسكني مهجتي وفؤادي...
حتى الدروب التي زرعناها سوياً...
باتت كظلم فرعون على شعبه...
أنا...
دائماً في حضورك كنت أراني طفلة...
تبحث عن الدفء بين أحضانك..
وتلتهم الحلوى بنهم من يديك...
أنا...
في رحيلك...
أصبحت امرأة عجوز...
أثقل النوى كاهل صفحات حياتها...
وأذوى الفراق زهور قلبها...
أنا..
في رحيلك ...
أنا فقط لم أعد أنا...
اقتلني من فضلك:
خاطري مكسور يا أنت.. لذا لن تسمع مني يوماً ما يسر الخاطر..
ذات يوم...
ستذكرني..وتتمنى لو أننا لم نفترق..لكننا افترقنا..
ولم يعد للأمنية من فائدة..
فالأحلام تشتاق لجنون الفرح الذي عشناه ذات غــصة..
وعندما ينهار السد لا يسعنا سوى السباحة...
ذات يوم..
سأمر من هناك حيث تجلس أنت..
أنا لن ألقي التحية..فنحن لم يعد بيننا ما يستهل السلام قبله..
أنا سأمر بك كالغرباء.. سآخذ معي العيد...
هو ذاته العيد الذي استرقته مني ذات رحيل..
وفي جيبي سأحمل كل اللحظات التي تقاسمنا فيها الفرح..
فالفرح لم يعد يعنيني..
ومن يمتهن الحزن....لا ينتظر من الفرح قبعة..
ذات يوم...
ستفتقدني مثلما يفتقد طفل والدته..
عندما تعود إلي ولا تجدني...
عندما تبحث بين أشيائك ولا تجدني...
عندما تبحث بين دفاترك ولا تجدني...
ألم تعلم يا أنت..
فأنا رحلت بعيداً عن هنا...
ولم أترك فردة حذائي الذهبية لترشدك إلي...
ذات يوم...
ستفتقدني...
حين تجلس على طاولة الطعام وتراها أمامك...
ولا تراني فيها...
فنحن اثنتان... ولسنا واحدة...
ذات يوم...
ستذهب إلى حيث كنا نذهب...
وتجلس تماماً حيث كنا نجلس..
وسيقتلك ما ستراه..
أنا يا أنت...
سأجلس هناك..لكن ليس معك...
بل معـ ـه...
وهو أيضا ليس أنت..
فأنتما اثنان...ولستما واحد...
ذات يوم...
ستقف مهنئاً لي بشموخ زائف...
وذاتك تموت ألف مرة ومرة....
وعن كل مرة مت أنا فيها في بعدك...
ستموت أنت ضعفيها...
ولن ينقذك من الموت شالي...
فغيرك بات يشتمه كل لحظة حينها..
ذات يوم ...
ستستيقظ من نومك ليلاً مرتعباً من كابوس رحيلي...
وستصاب بذهول قاتل يوقف قلبك للأبد حين تعلم أنه ليس كابوس..
بل إنه ليس أكثر من واقع..
فأنا رحلت ...
ولم أترك سوى بعض البقايا لك..
هي ذاتها البقايا التي خلفتها لي من بعدك ذات رحيل..
ذات ليلة...
سيضنيك السهر...
فأنت لم تنم منذ حملت حقائبي ورحلت...
وتلك الأشياء التي كانت جميلة الملامح ذات لوحة في قصتنا...
ستطاردك كل ليلة...
لتمنعك من غفوة بسلام دوني...
ذات شتاء....
سترتدي كل معاطف الدنيا على جسدك النحيل...
فبرد الشتاء بدوني سيصبح أقسى...
وثلج الشتاء بدوني سيضني أدمى...
وتلك الساذجة التي كانت تشعل أصابعها لتنير دربك المظلم..
والتي كانت تحرق عظامها حطباً لتدفئك...
والتي كانت تسهر كل ليلة لتغني فوق وسادتك ذات هاتف...
لم تعد موجودة...
لم تعد موجودة أبداً...
ذات نهاية...
ستذكرني والشيب يملأ رأسك...
وأطفال أطفالك من تلك التي اختارها لك القدر قبلي..
يجرون من حولك بسعادة..
ستنظر إليهم وترى بطفولتهم شيئاً من طفولتي معك...
ستحملك عكازك بيدين مرتجفتين...
وتتمنى الموت لتراني بعد أن سبقتك...
ولكن هيهات..
فأنا أدعوه عز وجل...
أدعوه من قدر أن يحرمني منك حين حاجتي إليك...
أن يطيل عمرك بعدي....
ألف سنة وسنة...
فأنا يا من أنت بعد عمري...
أحبك..
لدرجة جعلتني أوصيك بنفسك بعدي خيراً...
وأنت برغم رحيلي لم تقدر يوماً إلا أن تنفذ وصيتي الأخيرة لك...
ستعود ذات ألم..
وربما أكون بانتظارك..
وربما لا..
إلا أنني.. إلا أنني أحبك..
خواطر تهز الوجدان:
اوعدني أنك لن تقرأني إلا بعد موتي ... فكلماتي تفضح لوعتي وسهادي ..
وأخشى أن لا أعود الثابتة الصامتة الرزينة أمامك ..
تلك التي لطالما علمت ما حجم البركان الذي يسكن صمتها ...
حكايتي معك كانت كبيرة ..
وبرغم حجمها كانت صامتة ...
تسير أحداثها خلف الستارة ..
وعندما تزاح الستارة عنها للناظرين ..
تنطفئ تماماً مثل بطلتها ...
حكايتي معك...
كانت رقيقة طاهرة ...
اتسعت بمقدار الكون ...
وضاقت على عنقي عند موتها كحبل المشنقة ...
حكايتي معك...
لم تكن يوماً خيالاً أو كذبة نيسان ...
حكايتي معك كانت واقعاً مراً لكلينا..
حكايتي معك..
فصولها لم تبخل علينا بشيء..
هناك أشياء كثيرة عشناها معاً...
أشياء جميلة كالورد..
ورقيقة كالنسائم..
ومؤلمة كالفراق..
وقاتلة كالرحيل..
ودافئة كأحاديث المساء...
وحمقاء كالغيرة العمياء...
ورائعة كالخلافات التافهة..
وكبيرة كما من فوقنا السماء...
حكايتي معك...
ربما قتلها الواقع والمنطق المضني ..
ولكن...
بإذنه تعالى ستجد لها مكاناً...
عند رب السماء...
فانتظرني هناك...