الســــــــــــلام عليكم ورحمــــــــة الله وبركــــاته
لم أقابل حتى الآن الشخص الذى يستمتع بوظيفته سواء فى الحكومة أو القطاع الخاص، فالكل يعانى وغير راض عن أوضاعه وتختلف الشكوى بين الادعاء بضالة الراتب أو سوء معاملة الرؤساء أو تهميش دوره أو زيادة الأعمال المنوط به أدائها أو التفرقة فى المعاملة، ولاشك أن الحالة النفسية لأى إنسان تنعكس سلبا أو إيجابا عليه أثناء تأدية عمله.
وعندنا فى الوطن العربي شبه إغفال لمراعاة الحالات النفسية للمواطنين وفى تصورى أن السعى لزيادة الإنتاج وتحقيق التنمية يتطلب الاهتمام بالظروف النفسية للموظف ودراسة أحواله المعيشية ودرجة التفاعل مع رؤسائه أثناء العمل، وهذا يقودنا حتما للدعوة إلى الاهتمام بالطب النفسى وقيمته فى تقدم الشعوب . إننى أتمنى تخصيص طبيب نفسى فى كل مؤسسات الدولة وتغيير المفاهيم الخاطئة حول المريض النفسى ونشر الوعى الطبى للتفرقة بين التخصص فى الصحة النفسية والعصبية والمخ والأعصاب والجراحات المرتبطة بذلك .
إن الاعتقاد الشائع عند العامة أن زيارة الطبيب النفسى تعنى أن هذا المريض عنده درجة من الجنون !! اعتقاد خاطئ لأن أغلب المواطنين عندما يتعرضون للضغوط النفسية أو العصبية فإنهم يصابون بحالة نفسية عرضية لا يشخصها إلا الطبيب ولذلك يجب نشر ثقافة الوعى بالطب النفسى والعصبى كما يجب التصدى لظاهرة العلاج عن طريق الدجل والشعوذة والهروب من العلاج الطبى إلى دهاليز الخرافات والجهل.
إن أغلب الناس تفضل التشخيص بأن الحالة مس شيطانى أو ملبوس أو معمول له عمل على أن تقول إنه يعانى من مرض نفسى مما يزيد الحالات المرضية تعقيدا بما يصعب معه العلاج ولاسيما وأن أغلب الناس يرفضون اللجوء إلى الطبيب النفسى !! رغم أن المرض النفسى فى تصورى الشخصى بات كالأنفلونزا العادية التى تنتشر بيننا بشده فى هذه الأيام . فأغلبنا قد يصاب بحالة من حالات المرض النفسى أو العصبى وهو لا يشعر.
إننا فى أشد الاحتياج إلى نشر الوعى بقيمة الطب النفسى وضرورة انتشاره فى مؤسساتنا. وقد تلاحظ لى أن هناك بعض المواطنين الذين يشغلون مناصب ذات تأثير مباشر واتصال مستمر بالآخرين من الجمهور أو الطلبة يعانون من حالات المرض النفسى، ومع ذلك لم يلتفت أحد إلى ذلك ولم يقتنعوا هم أنفسهم بأنهم مرضى والذى يزيد الطين بلة هو التستر بحالات المس واللجوء إلى الدجالين لفك الربط وإزالة العمل !!
إنها دعوة عامة لنشر الثقافة بدور الصحة النفسية فى التنمية والتقدم، إن النفس البشرية عبارة عن غابة كثيفة مليئة بالأشجار الموحشة مثل شجرة الخوف وشجرة الحقد وشجرة الأنانية وبين هذه الأشجار الموحشة تنمو زهور رقيقة تحاول أن تصل إلى ضوء الشمس مثل زهرة الحب وزهرة الإخلاص وزهرة التعاون الإيجابى والطب النفسى يجوس فى أغوار هذه الغابة ويحاول أن يتعهد هذه الزهور بالرعاية والعناية وهذه هى مهنة الطب النفسى.
تحيــــــــاتي