ترددت كثيرا قبل الكتابة، ولكن كان لابد لى أن أعبر بأى طريقة ولم أجد أفضل من القلم ليتكلم عنى..أكتب هذه الكلمات بقطرات من دمى، لأنها تمس أعز إنسان إلى قلبى وأهم شخص فى حياتى ولا يمكن أن أتصور حياتى بدونه..هو أبى.
أبى هو رجل مصرى كادح كآلاف غيره، يدورون فى "ساقية" العمل لأجل أبنائهم، بل هو زائد عن كثيرين، فقد اغترب عن زوجته وأولاده لمدة تزيد عن عقدين من الزمان مروا من عمره..وكان هذا الأب رمزا بالنسبة إلى لا يمكن المساس به، فهو شىء من نور لا يخطئ، و كل ما يفعله الصواب دائما. ولكن دار الزمان وكبرت وبدأت أدرك ما يدور من حولى وعندها وجدت الرمز المقدس قد بدأ يهتز، بل بدأ ينهار!
فقد بدأت أرى ما لم يمكننى سنى - فى البداية- من رؤيته، رأيت أبا ديكتاتوريا، هو دائما الصواب، هو ذو الرأى السديد، حتى أننى بدأت أشك أن أبى هو هتلر ذاته! طريقة تعامل أبى معى جعلتنى أشعر بأننى مجرد "عروسة خشب" يتلاعب بها كما يحلو له .. وأننى ليس لدى رأى فى أى شىء ، وأننى أعيش لمجرد الأكل والشرب .. وطبعا تنفيذ الأوامر.
حاولت مرارا من أن أدخل فى مناقشة معه أو حوار، لكن فى كل مرة كان لابد أن أخرج أنا إبليس ( اللى كله غلط فى غلط ) وعمره ما (بيعمل) حاجة مفيدة ، وأن أبى هو الملاك المجنح الذى لا يخطئ ولا يجب أن ترد كلمته، عشان لو حصل ده (هيفلت عيارنا ) ومش هيعرف يحكمنا تانى! مبدأ غريب فى عصر وصل فيه البشر إلى القمر ونحن مازلنا نرى أن "الراجل بشخطته ونطرته" وبنستغرب إحنا ليه (محلك سر).
سأطرح عليكم بعض الأسئلة التى لا أجد لها تفسيرا منطقيا وأرجو منكم حلها رغم أنها أصعب من أسئلة الفيزياء فى الثانوية العامة:
1- بالتأكيد لا يرضى أى أب أن يهان ابنه من أى شخص مهما كان، فكيف ذلك ويهان الطفل فى المنزل آلاف المرات يوميا؟
2- " أنت حر ما لم تضر" عبارة تتردد ملايين بل بلايين المرات فى البيوت المصرية من أفواه الآباء على مسامع الأبناء، كيف يمكن تحقيق ذلك وفى البيت الابن أصلا محروم من حرية التعبير عن رأيه؟
3- متى سيفهم الآباء أن التربية فن مش " فتونة"؟
4- متى سيفهم الآباء أن "الراجل مش بس بصوته وشخطته.. إنما بفهمه لعياله وحسن تربيته"؟
5- متى سيفهم الآباء أن هذا الجيل هو الأمل الوحيد الباقى لمصر لتتمكن من النهوض، ليحسنوا التربية؟
6- متى سيفهم الآباء أن الجيل الجديد جيل "يجى منه بجد"؟
7- متى سيستمع الآباء للأبناء؟
8- متى سيتمكن الابن من دخول الكلية اللى نفسه فيها بدون ما يسمع معارضة من حد؟
9- متى سيفهم الآباء أن الحياة مش أكل و شرب ونوم ، وأن الحياة تعامل؟
10- متى سيفيق الشعب المصرى من ثباته العميق ( التقييل أوى ) ؟
فى الختام لا يمكننى أن أقول أى كلمة سوى
آآآسف بجد. لأنك أبى