لست أدرى كيف فى ليلة وضحاها للحب أن يتحول من القوة التى كانت تدفعنا إلى الأمام إلى قوة تقودنا نحو الهاوية،
نصعد معا جبلا شاهق الارتفاع مع رجل عرفناه جيدا،
يشعر بنشوة الحب والفرح، يدفعنا للجرى صعودا، ننسى استنشاق الهواء، مع أنهم يدعون أو يقولون أن نسبة الأكسجين تقل كلما زادت المنطقة ارتفاعا،
نصعد دون كلل أو ملل أو توقف، ونظل نصعد حتى تنقطع أنفاسنا فجأة ويكون الرجل الرفيق قد تركنا هناك وحدنا، ليس ذلك فحسب، بل على العكس من ذلك قد يدفعنا هو بنفسه نحو الهاوية.
كما تقول كاتبة في احدى خواطرها :
لم أسمع عن رجل يأخذ حبيبته إلى أعلى قمة فى جبال الألب
ثم يدفعها فجأة إلى الهاوية
صدقنى لم أعد أعرف كيف أتعامل مع مناخاتك الاستوائية
ففى يوم أحترق بلهيبك
وفى يوم أتجمد تحت صقيعك
وفى يوم أطير إلى سابع سماء
وفى يوم تكسر أجنحتى، فأتناثر على الأرض مليون قطعة..
....
يعتقد نفسه يتركها لتأخذ قسطا من الراحة،
يريد لها أن تستعيد عافيتها وحدها، بعيدا عن عالمه،
لا يعرف أن تلك اللحظات تكون لحظات قاتلة،
قد تقتل حبا عميقا،
قد تبرد مشاعر ملتهبة إلى الأبد،
للمرأة تفسير خاص، تظنه لا يحبها، لا يأبه لحالها،
لا يريد البقاء معها فى أسوء حالاتها،
يحبها فرحة مرتاحة محبة معطاءة وعند حاجتها إليه يهرب، إلى أبعد بقعة فى الأرض
يهرب، يجلس وحده هناك على أرصفة الطرقات يراقب نساء أخريات سعيدات،
يقارنها بهن، فيربحن لأنهن راضيات ضاحكات، وهى مستقرة مكانها تؤلمها الذكريات،
لا شىء يطرق باب القلب إلا أنت، وأنت بعيدا لا تصلك أخبار ولا مخابرات.
كيف لك أن تعرف ما بها دون أدنى اقتراب،
أتدرى يا رجل أن امرأة كهذه قد تضيع هكذا بين إغماضة عين وأخرى،
أتدرى بأنك ستخسر حبا جراء خطأ قد تعتبره صغيرا وهو من أكبر ما يكون،
أتدرى أنك تقتل الحب فيها، دون قصدك أعلم، ولكن قل لها بأنك تحبها، بأنك لا تزال معها حتى فى أسوء حالاتها،
أجعلها تشعر بأنفاسك، هى فى حاجة إليك، قريبا، لا متسكعا فى شوارع المدينة الغريبة التى تزيدها غربة مع الوقت،
هى تريدك أنت لا سواك، تتطلع إلى باب البيت بحب وألم، تتساءل متى ستعود؟
متى ستفهم أنها الآن وهاهنا لا تريد إلاك وكلمة منك تساوى ألف كلمة ونصيحة من مليار لا يشبهونك وليسو أنت،
أنت كنت استثنائيا بالنسبة لها وما تزال،
ولكن بانسحابك أفقدتها الثقة باختيارها، لم تعد تعرف إن كنت أنت أنت، أو أنه كان يجدر بها أن تختار غيرك ليحل محلك،
تعود لتتقوقع على نفسها، مشاعرها مجروحة متألمة،
وأنت ما تزال فى شارع المدينة الدفينة الأسرار، تغار من المدينة لأنها سرقتك منها، ومن النساء السعيدات اللواتى يدعين الفرح لأنها هى متعبة، ولأنك هارب إلى غابتك.