بقلم الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله
*****************************
كنت أطالع أمس في غرفتي فسمعت حوارا بين ابنتي الصغرى(بيان) وعمرها أربع سنوات وبين أمها.
قال البنت:
_ ماما ، في غرفة بابا ضبع.
_قال لها: ضبع ! ؟.
_ قالت إي والله ،تحت كومة المجلات .
_ قالت : حرام الكذب يا بنت.
_ قال : والله والله والله في غرفة بابا ضبع !.
_ قالت: بس يا بنت لا تكذبي.
فبكت البنت وهرعت الي تستشهدني ،فضحكت وقلت لأمها:
_ سليها ، ما هو حجم الضبع الذي راته وما لونه ؟.
_ قالت هو اسود بقدر الاصبع.
فغضبت الام وقالت لي
_ كبف تقول ان الاطفال لا يكذبون ، وهذه البنت تكذب وتصر على الكذب.
_ قلت: انها لم تكذب ، ولكنها رأت صرصورا فظنت الصرصور ضبعا...
_ قالت ، عمرها أربع سنوات ولا تفرق بين الضبع والصرصور ؟؟؟.
_ قلت : اني اعرف كبارا لا يفرقون بينهما ، كبارا محترمين ، لبثوا سنين يغنون
ويصوتون مثل الصراصير ، وهم يحسبون أنفسهم ضباعا ، اذا هجموا على فلسطين
فتكوا بالصهيونيين ، ويظنون أعدائهم صراصير ، وهم ضباع ، ويقاتلون بمحلول
بمحلول "الدالين"(د.د.ت) ، حيث يجب القتال بالرصاص، ويضعون الرصاص في موضع الدالين.
وفي مصر ، ظن (الضباع) الحاكمون (يومها) أن حزب الوفد صار أمة من الصراصير ،
فلما كانت الانتخابات تبين أن الوفد هم "الضباع".
وفي الشام ، (أحزاب) ما فيها الا صراصير يغنون والناس يحسبونهم احزابا من
الضباع .
وفي كل صورة من حياتنا شواهد على أننا لا نفرق بين الضباع والصراصير.
فلا تلومي هذه البنت ، فانها ليست وحدها الطفلة ، ان كثيرين من زعمائنا لا يزالون
مع الاسف أطفالا..